تلك الشيطانة

 


 الشاعر / محمد منصور سليم


في غيابِ الحراسِ

 شيطانةٌ... تسللت

 لتسرق قلبَ..

ملاك

.....

 مِنْ أي جحيمٍ

هربت تلك الشيطانة

 لتتسللَ مِنْ نافذة..

 الماضي

 فتَطل عليَّ بلا استئذان

 ....

 اقتربت مني..

كي ترميَني بسؤالٍ

كالسهمِ المسمومِ

فوليتُ وجهي عنها

 بينما عيناها ترميني..

 بشررٍ....

وأنا ...

أستعيذ باسمِ الربِ

كي لا تعبثَ بكتابِ

 الذاكرةٍ

 فـ تستدعي حراسَ الوجعِ

وتطلقُ وحشَ الصرخةِ

من صدري

تفتحُ "هاويسَ" الدمعِ

المسجونِ بعيني

 .....

سوف ...

تعيدُ الزمنَ إلى الخلفِ

لأشاهدَ بشاعةً مقتلتي

 حين سقطَ الخنجرُ

من يدِها

وأنا اضحكُ كالمجنونِ..

 من الدهشةِ

والصرخةِ العاجزة

خلف قفصيَ الصدري

تنكسُ رأسَها في..

صمت
....

يتدفقُ دمي كالنور

وقلبي الممددُ في كفنِهِ

تخرجُ منه حَمَامَاتٍ

ثلاث!

طفولتي...

 طيبتي

وأنا ...

رسالتي لأمي

 شعر / محمد أحمد إسماعيل

رسالتي لأمي
...............
ستنتهي غدًا
الحفلة التنكرية
ويسقط الماكياج
حينما
يصيح مخرج العرض
ويعلن انتهاء المسرحية
وحينها ...
ستعرفين أنني
مت ... لأنني كنت بلا قناع
حين سقطت - عامدا -
ما بين لهفة اللصوص
ورجفة الجياعْ

ستعرفين أنني...
فرقني الشعر على الحروف
مثلما يفرقون في كؤوسهم دمي
ستعرفين أنني معلق - مازلت -
في المشيمة
وحبلُك السريُّ
- كان في المسافة
التي تفرقنا -
علامة الرجوع
فحينما تبللين شعري الظمآن بالدموع
وحينما تقبلين جبهتي
سيرفع اللهُ الغطاءَ
عن عيوني
وتعرفين حينها
من كاد لي
ستعرفين ...
قاتلي .....!
...........................
...........................
من قصيدة (رسائل)
2004

كتبت باسمها قصيدتى



كلمات الشاعر/ محمد أحمد إسماعيل

حبيبتى تنزلت
فزلزلت منازلى
و أقلقت قيلولتي
و حينما تنفست
تنفست حريرا
فرقصت مغازلى
....................
حبيبتى ....
دنت ... فأدنت
من حريقى .. ماءها
كتبت باسمها
قصيدتى
فأشعلت قصيدتى .. سماءها
و انفجر العبير .. فى بستانها
عبيرها ..
ألهمنى أسماءها
..................
حبيبتي لي ..
و أنا لها
حبيبتي لي وردة
أنا لها مدى
فأشعلوا النهر
بريح شوقها
و علقوا قلبي على
شراك عينها
و وسدوني ماءها
....................
حبيبتى تنزلت ..
و الباب موصد على شجوني
و البحر حلم يابس
يسخر من جنونى
فكيف أصبح الحلم
بحارا ؟
و الباب صار كشفا
فى عيونى ؟
....................
حدقت في جبال النور
فانهتكت ستور
و انفلت الهشيم من يدي
و صار اثني عشر
عصفورا
تطير فى جناتها
..... تطير
و تحلب الغناء
فى فم الجحيم
و تقتفى خطواتها
....................
حبيبتى ...
تنام فى سريرها
كباقة العطور
على شفاه الروح
و تقطف النجمات
من شباك ليلها
حباتِ لؤلؤٍ .. طازجة ً
تبيت في حريرها
و تغزل الأحلام
شالا ... أخضر القلب
رقيقا
تفتح الباب على نهارها
وتحرق النعاس
فى عيون القمر
البعيد

الخطوة ..

لوحة د. / ام البنين السلاوي .

قصة " ومضة " بقلم : سـيـد جـمـعـه

إلتفت إلي اليمين لفتة سريعة ثم خطا إلي الأمام خُطوة ، ثم إرتد إلي مكانه مرة اخري ، وفي هذه المرة إلتفت يساراً ثم خطا إلي الأمام خُطوة ،ولكن سريعا عاد إلي مكانه مرة أخري ، خًيل إليه في المحاولتين كأن شخصا يَتْبعهُ ، حاول أن يتيقن ، فكانت خطوته هذه المرة إلي اليمين خلفا ، وأعاد الكرة وعاد إلي مكانه قبل الخطوة ، حاول أن يخطف ولو بلمحة من يتبع .. خطوه ، لم يلحظ شيئا ، فخطا هذه المرة إلي اليسار خلفا خُطوة اخري ، أتْبعها بنفس السرعة العودة إلي مكانه مرة أخري .
فكر للحظة أن تكون حركته هندسية بعض الشئ كأن تكون بهيئة مثلث مثلا او دائرة فربما يكون هذا أوقع وافضل ، ليري من يرصد خطوه ، وفاته أن رصد تفكيره لا خطواته أمر بات مُحكم .
جال في خاطره أن يستند إلي جدار مائل قريبا منه ، هم ّ إليه ، وجد الجدار يتراجع بعيدا عنه بنفس سرعة إتجاهه إليه ، تعجب .
أ الجدار يسخر منه أم من وراء الجدار لا زالوا يرصدونه ، ويدركون ما يجول بفكره وخلده ؟
إبتسم إبتسامة هو نفسه لا يدرك كيف أفلتت منه ،
تنازعته افكاراً وخيالات بعضها قابل للتنفيذ وأخري تقترب من وصف المخاطرة غير المحسوبة بدأ يستدعي بعضا من التجارب والحيل السينمائية او أحداثا مما قرأ في بدايات صباه من الروايات والقصص البوليسية من تلال الكتب التي كانت متاحة ، إستقر رأيه أن يسلم نفسه لغفوة قصيرة ، ليتجدد عزمه ويذهب عنه أرق وحيرة قد تُضعف من قوة تفكيره .تغاض عن الجدار المتحرك ، وأثر أن يتمدد حيث هو الأن ، فافترش الأرض بسترته الأنيقة ولم يبال بما قد يحدث لها او له بعد ذلك ، اخرج محفظته ، وتأكد من وجود هويته ولم يعبأ ببقية ما في محفظته من عملة او بطاقات أو أوراق اخري ،مكتفيا بوجود هويته فقط .
غفا لفترة قصيرة او طويلة لا يدري ، كل ما شعر به أنه نهض من رقدته فوجد جاكت البدلة قد تعفّر وتغير شكله ، وبدا كأنه جاكت متسول وليس " جاكت إنسان يعشق الأناقة وبها يزهو ، إبتسم وهمّ بالتحرك فلا وقت لديه ، إنه في محنة وأنه مرصود بعيون لا يراها .. ولكنها تري ما قد يخفي ، وترقُب حركته وخطوه ، لكنه في لحظة او أقل ، خطرت الفكرة وشرع في تنفيذها ، فكّ أزرار بنطاله وانسلخ منه ، امسكه بيديه ، ومال إلي الجاكت الذي لا زال مطروحا عي الأرض ، وبسرعة غريبة صنع بهما هيئة إنسان طريح الأرض في وضع القرفصاء من شدة خوف ، في ليلة شتاء ، تأكد أن هيئة الجاكت والبنطال توحيان تماماً بهئة إنسانٍ إفترش الأرض . وقرفص ، وتأكد قبلها أن هويته بيديه .
حالما تأكد ، التفت مرةً واحدة اماماً وخلفاً ، وشرع في الركض والعدوً كلصٍ لا يُبقي علي شئ ،
لكن هذه المرة إستبدل البسمة .. بضكحة ، واستدار عائدا من حيث أتي بعد أن تبدد حذره ، وخوفه ، وشاع في نفسه زهواً ، يُحطم من يراهُ ويرصد خطوه .

من " كتاب بانوراما فنانو العالم " عن الفنان الكويتي / فؤاد العمادي


بقلم الفنان الناقد الشاعر/ سيد جمعة (مصر) الإعداد للباحث الناقد / محمود فتحي (مصر)

ونحن نقترب بمسافة ما ، من عمل ثري بمفرداته في التكوين والتوزيع الضوئي ، واللون الواحد بدرجاته ودلالاته المقصودة والموظفة بتقنية ومهارة عالية نحو إيحاءات بصرية وفكرية لتأخذنا إلي دروب الموروث الثقافي الشرقي الذي يذكرنا بـ " بيدبا الفليسوف الهندي في كتاب " كليلة ودمنة " ترجمة ابن المقفع، نتقين أن امام عمل للفنان الكويتي / ....فؤاد العمادي.
هذه السوريالية التي يعمد إليها الفنان ، وتكاد تكون هذه المفردات ايقونة شبه دائمة وموزعة بإدراك ووعيُ منه عاكسة مدي غوصِه وتعمقهِ في هذا الموروث الثقافي وشغفِه به ، بل يكاد يكون حريصا في تناه شديد ألا يفرُطُ منه شيئا ، عامدأ إلي تحقيق إبداع عربي / شرقي يتوازي شموخا ومؤكدا أن تراثنا العربي / الشرقي قادر دائما علي العطاء الثقافي الحضاري في كل الأوقات والعصور ، أخذا علي نفسه شق طريقا – بإبداعاته – يحمل إسمه وإسلوبه ومنابع رئيسة في منهجه
تشكل مفردات التكوين التي تتصدر العمل بتركيز دقيق في الإختيارات ، ما بين عيون في وجوُه ، وكتابٌ له دلالات واضحة من خلال الشكل ولون الصفحات بل والعينين الناظرة فيه مع عناصر يبئية اخري مختلفة ومكملة للإيحاء المُركز عليه، وحاصرةُ له ومُوجَهةُ إلي قصدً مُحدد يريد الفنان أن نصل إليه بِيسر ، إجتهد بنجاح تام المبدع من خلال العناصر والألوان أن يجعل من مقدمة العمل هي مفتاحه للإطلا ل من خلاله علي الفضاء الفكري والبصري الذي حمل إلينا بتضمينه مكونه الثقافي من ناحية ، وإجادتهِ في توظيف عناصر محددة تعبيرا عنه . علي ان من إبداعات – مبدعنا - قدرته وتمكنه الشديد في ربط عناصر التكوين بعضها ببعض ومزجها و تركيبها لتأخذ المتلقي وتنقله في سلاسة بصرية وفكرية نحو الّمَقصد نفسِه وتأتي خلفية العمل من خلال درجة الزُرقة المُختارة والموزعة بين البياض في السماءِ بنسب ومساحات بالغة ُ حد المأمول منها كي وكأنها تحّضن التكوين الأساسي في المقدمة ، وايضا تضيف الأبنية المختارة بقبابها الشرقية والإسلامية من التراث المعماري القديم المعروف ليؤكد هوية شرقية حرص علي إبرازها وتأكيدها ، ، ويأتي القناعين في أعلي وأسفِل يسار العمل وبنظرة إندهاش وإستغرابية حادة بلغ بها المبدع في دقتها أن تكون مُكملاً جيداً لإستكمال توضيح فكرته وهدفه ، أن الموروث الثقافي الشرقي والعربي لا زال محتواه قادراً ان يكون مَنبعاً خصباً لتجديده بالأخذ والإنطلاق منه ، لإضافة الجديد للمنتج التشكيلي العالمي وبصورة ذات خصوصية وتَميُز له سماتٌ تُحدد هويتهُ .
ويُحسب للفنان التقنية الخاصة به في إجادة إختيار الألوانِ ودرجاتِها وتوزيِعها بإحترافية شديدة كأحد عناصر التكوين لاعبة دوراً أساسياً في تأطير الفكرة وجعلها مضمونأ كامناً في كل عنصر من عناصر العمل نفسه و بدرجةٍ محددةٍ ومحسُوبة
إن عنصر اللون الرمادي علي سبيل المثال كا لونٍ منتقي بدرجاتِه وتوزيعهُ في هذه الثلاثية المختارة ( المرأة ، وناب الفيل ، ورأس الطائر ، والأوزة ) ، تعكس بحق رؤية بصرية مًفعلةٌ بإحترافية شديدة كأحد عناصر القوة والتوجيه الإستباقي المقصود للمتلقي للإنطلاق مباشرة إلي " الرؤية الفكرية " المُوزعة ما بين عناصر اللونِ والتكوين في العمل . كما تَجّدُر الإشارة في هذا السياق إلي أن الفنان المبدع بمزجه الرائع والإنتقال السلس بين " الواقعية " التي هي خلفية فنية كدارس وعاشق متمكن فيها ، ينطلق منها لتكون مكونأً رئيسياً مع " سوريالية " شرقية / عربية خالصةً يُجَذر لها ، لذا يبدو دائما حريصُ أن يكونا معاً هما إسلوبه وتميزهُ كما اسلفنا.
لا يفوتنا الإشارة إلي جمالية يهتم بها الفنان في أعماله وهي عنصر " الإبهارالبصري " للمتلقي متمثلا في عناصرمتعددة منها اللون وتوزيع أساسيات مكونات العمل بنسب متميزة وجاذبة علي فراغ اللوحة من البداية ، مع تركيب ترابطي بالعناصر الأخري وبصورة مُكملة لتأكيد الوحدة الّكلّية للعناصر مجتمعة ، وإحداث " حوار وتناغم " بين كل العناصر ، وكأن لحناً هارمونيا تشارك فيه آليات متعددة صانعةً نغمة موسيقية صادحة بالمضمون الكامن في كل " تيمة صوتية " صادرة عنها.
إن عنصر " الإبهار البصري " وإهتمام المبدع به لا يضيف للمبدع فقط بصمة خاصة به في اعماله ، لكن ايضا يعتبر مكونا وعنصرا من عناصر العمل ووسيلة فاعلة لإبراز دلالات عدة يتكئ عليها المتلقي في إبحاره ، وإجتهاده للوصول مع خلفيته - الثقافية فكرية وبصرية – إلي ما هو واضح أو كامن في العمل نفسه .
وفي النهاية يجد من يقترب بصورة او اخري ما هو مدهش ومثير تماما وكأننا نستعيد مع المبدع بعضاً مما ورد في " كليلة ودمنة " لبيدبا الفليسوف الهندي ، ولكن هذه المرة مع المبدع الكويتي .. فؤاد العمادي !

يسري فوده: سبعة أسئلة للسيسي


بعد مرور ثلاث سنوات على بداية مرحلة عاصفة في تاريخ الثورة في مصر، يسري فوده يوجه 7 أسئلة صحفية للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
في أعيننا، وفي أعين كثيرين، فقد الرئيس السابق لمصر، محمد مرسي، شرعيته لسببين: أولًا، لأنه اعتدى على الدستور وحاول أن يستحوذ على السلطة لنفسه عندما أصدر إعلانًا "دستوريًا" فرعونيًا. وثانيًا، لأنه لم يعد رئيسًا لكل المصريين عندما تواطأ - في أقل تقدير - مع الاعتداء على جانب من شعبه أمام قصره وحاول التأثير في ذمة العدالة - حتى ذهب.

وفي أعيننا، وفي أعين كثيرين، يفقد الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، شرعيته للسببين نفسيهما: أولًا، لأنه حول الدستور كله إلى حبر على ورق وصادر المجال العام كله من حياة سياسية أو مدنية أو إعلامية إلا في ما يوافقه. وثانيًا، لأنه لم يعد رئيسًا لكل المصريين عندما تواطأ - في أقل تقدير - مع مذابح لجانب من شعبه قبل أن يتحول إلى قمع جانب آخر والتنكيل به - حتى اليوم.
لا هذا يمثل الثورة الحقيقية ولا ذاك. كل منهما يمثل رأس مؤسسة في صراع تقليدي على السلطة مع الأخرى: المؤسسة الدينية والمؤسسة العسكرية. يعرف المصريون هذه الثنائية منذ كان الفرعون يجلس على عرشه بينما يقف قائد الجند عن يمينه وكبير الكهنة عن شماله. ومنذ ذلك لا يزال المصريون ضحية هذه الكماشة التي كان من أبرز تجلياتها أن وجدوا أنفسهم فجأة بعد الجولة الأولى من أول انتخابات بعد الثورة بين خيارين لا ثالث لهما: الدين أو الجيش، أو - بالأحرى - من يحتكرون الحديث باسم الله ومن يحتكرونه باسم الوطن.
وإذا كان الوصول إلى السلطة هدفًا مشروعًا في حد ذاته، فإن العمل على حرمان الآخر منها بصورة غير عادلة، وقتل الحياة السياسية والمدنية، وتكبيل منظومة العدالة والرقابة والمحاسبة، كلها أهداف غير مشروعة، أقلها كافٍ لنزع الثقة والشرعية عن أي رئيس أو موظف عام.
احترامنا الآن لحقيقة أن الرئيس السابق ربما لا يستطيع الرد، لكن - بناءً على حقيقة أن لديه وقتًا لإصدار قرار جمهوري بإعفاء فتاة من عملها (وفقًا لما ورد في الجريدة الرسمية) على خلفية مشكلة له مع والدها، ولترحيل إعلامية محترمة من مصر (وفقًا لمن نفذوا قرار الترحيل) - ربما يجد الرئيس الحالي وقتًا للإجابة على هذه الأسئلة:
1- لماذا أكدتَ لنا مرارًا وتكرارًا أنك غير طامع في السلطة ثم ثبت لنا أنك أردتها كلها بين يديك؟ لقد أكدت لي عندما التقيتك في مكتبك مساء الأحد، 21 أبريل/ نيسان 2013، أن المستقبل بيد الشعب ولا أحد غيره سيقرر، وكنتَ على وعي بأن مطلب الناس في ذلك الوقت هو الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة لا يكون أي من أعضاء المجلس العسكري طرفًا فيها. وحتى إذا كانت جماعة الإخوان ترفض تلك الخطوة آنذاك، لماذا لم تكن تلك إجابتك يوم 3 يوليو أو بعد أن أخفيت الرئيس؟ كانت أمامك في تلك اللحظة فرصة لمجد تاريخي شخصي/وطني لا ريب فيه، فماذا حدث؟ وهل أنت - حين تنظر الآن إلى الوراء فلا ترى إلا جسورًا منسوفة - نادم على اتخاذ ذلك القرار؟

2- مع تسليمنا بأن ما صدر عن كثيرين منهم كان تحريضًا وإرهابًا وعنفًا لا يقبله القانون ولا العقل، لماذا لم يكن للتعامل مع من احتلوا ميداني رابعة العدوية والنهضة من سبيل غير الذي انتهى إليه؟ ولماذا لا تجد في نفسك قدرة على وصف مقتل المئات من شعبك (آلاف في بعض التقديرات) في غضون ساعات قليلة، أيًّا ما كانت آراؤهم وطموحاتهم، بأنه - كما يقول القاموس - مذبحة؟ ولماذا لم يُحاسب المسؤولون عنها حتى اليوم؟ وعندما انبرى أحد أبرز من يقدمون ما يوصف بالتوك شو - أثناء لقائك بالإعلاميين صباح السبت 9 أغسطس/ آب 2014 - فاقترح أن يكون يوم 14 أغسطس/ آب (يوم المذبحة) من كل عام عيدًا قوميًّا للبلاد، لماذا لم ترد اقتراحه في عينيه؟

3- رغم أن الدستور الذي وصلتَ في ظله إلى السلطة يمجد في ديباجته ثورة 25 يناير، ويلُزم الدولة في مادته رقم (16) بتكريم شهدائها ورعاية مصابيها، لماذا لم تحرك ساكنًا - في أفضل تقدير - بينما يتكالب منافقوك وخدم السلطة والحناتير على وصفها بـ "نكسة 25 خساير"، وعلى سبها وتلويث صورتها وصورة أي فكرة أو شعار أو مطلب أو وجه ارتبط بها؟ هل تؤمن حقًّا بأي من مطالب الثورة الحقيقية التي تعلمها جيدًا في ما وراء مجرد القضاء على مشروع التوريث وتطويع وزارة الداخلية نحو مفهومك أنت للثورة؟

4- لماذا اخترتَ أن تتجاهل التسريبات التي خرجت من مكتبك واستصدرتَ قرارًا من النائب العام بتجريم تناولها إعلاميًّا؟ أم أننا في عينيك شعب لا يستحق المعرفة؟ ألم تعترف أنت عمليًّا بصحتها عندما قدمتَ اعتذارًا رسميًّا عن إهانة والدة أمير قطر التي وردت في سياق أحد تلك التسريبات؟ أم أننا في عينيك شعب لا يستحق الشرح؟ إن لم تكن ضخامة بعض مما جاء في سياقها - من مثل محاولة طمس الأدلة في طريقة إخفاء الرئيس السابق، أو إطلاع مسؤولين في دولة أجنبية على أمور سيادية حتى قبل إطلاع الشعب عليها - كافيةً لتقديم اعتذار، قد يقبله الشعب وقد لا يقبله، فما الذي يكفي؟

5- مع كامل احترامنا لشعوبها واعتزازنا بأهلها، لماذا قبلتَ التعاون مع أنظمة دول عربية أنت تعلم أنها سعت منذ اليوم الأول إلى خنق الثورة المصرية الحقيقية ونقلتْ - بتنسيق مع أعداء الثورة في مصر - خطوط المواجهة إلى ملاعبنا نحن حتى صارت سن الرمح في الثورة المضادة؟ لقد كانت مصر عبر التاريخ في معظم الأحيان لاعبًا أساسيًّا مؤثرًا في ملاعب الآخرين، فكيف يقبل أي وطني - ناهيك عن أن يساعد على - أن تتحول بلاده إلى ملعب لكل من هب ودب؟

6- لماذا لا ترى حلًا لمصر التي أرهقتها الديون المتوارثة إلا في مزيد من الديون؟ أي تركة سنترك للصغار ولأبناء الصغار؟ ولماذا تقتطع من ميزانية هزيلة في مجالات الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية وخلق فرص العمل بينما تزيد في رواتب الجهات التنفيذية والأمنية والقضائية وفي منافعهم؟ وكيف لا تقتدي من زعامة جمال عبد الناصر، الذي لا تخفي إعجابك به، إلا بقتل الحياة السياسية والمدنية وبمصادرة المجال العام وبالقضاء على الإعلام الحقيقي؟ لماذا تخاف من الكلمة الحرة؟

7- لماذا اخترتَ أن "تُطمئن" الإسرائيليين أولًا على اتفاقك مع مسؤولي دولة عربية في ما يخص قطعة من أرض الوطن؟ حتى بافتراض أنك تؤمن حقًّا بأنها ليست مصرية، لماذا لم تعرض الأمر على شعبك أولًا؟ ولماذا لم تقدم لنا ما يفحمنا؟ من ذا الذي اقترح أولًا تلك الفكرة اللوزعية؟ وإن كان للسعوديين حق فضغطوا عليك، لماذا لم تدعهم إلى حوار علني ودّي أو حتى في محكمة؟ ولماذا انزعجت حكومتك عندما حكمت محكمة بحقك أنت في أرضك؟ إذا كان نظام عربي يرى الآن من مصلحته أن يلتحق بمعاهدة كامب ديفيد بأثر رجعي، فلماذا يكون ذلك على حساب لحم مصر ودمها؟ وإذا كنت أنت مقتنع حقًّا بأن الحل الأمثل في ظل منطقة كاملة يُعاد صياغتها، وفي أتون ما يصفه رجالك بـ"حروب الجيل الرابع والخامس والسادس"، هو الارتماء في أحضان الجيران فإن قاموسي هنا يعجز عن الكلام.